اختتم مؤتمر منظمة (الإيسيسكو) لوزراء التربية والتعليم بدولِ العالم الإسلامي بالخروج بـ"إعلان مسقط "، والذي تضمن عدة توصيات، منها: وضع جميع ما نصت عليه القرارات التي اعتمدها المؤتمر موضع التنفيذ، بالتنسيق مع كافة المؤسسات الوطنية المختصّة ووفق الأولويات والسياسات الوطنية؛ لتحويل التعليم وتحقيق الهدف الرابع الخاص بالتعليم، والاستفادة من التجارب الناجحة والمبادرات الرائدة ُ والتطبيقات الجيّدة للدول الأعضاء في هذا المجال، وتكليف الإيسيسكو بإنشاء منصة للرصد والتنسيقبالتعاون مع الجهات الوطنية، والتعهّد بتقديم الخدمات والتسهيلات والبيانات اللازمة لتيسير عمل المنصة، وضمان التمويل الكافي للتعليم من خلال تخصيص جزء الناتج المحلي الإجمالي للإنفاق على التعليم العام، واعتماد ميثاق الإيسيسكو لأخلاقيات الذكاء الاصطناعي في تطوير قدرات المنظومات التربوية على الاستخدام الأمثل للذكاء الاصطناعي والتكنولوجيا الرقمية وفق المعايير والأخلاقيات المتبعة، ودمج التربية الإعلامية والتربية الرقمية ضمن المناهج التعليمية من أجل توفير بيئة تعليمية رقمية أكثر أمانا للجميع، والارتقاء بالمكانة الماديّة والاجتماعيةوالمعنوية لمهن التدريس والحرص على إعداد وتأهيل المعلمين بشكل مستمر، ورفع جاهزية النظم التعليمية واستعدادها الاستباقي لمواجهة الأزمات، ودمج مفاهيم التعليم من أجل التنمية المستدامة والتعليم الأخضر في البرامج التربوية، إلى جانب مفاهيم الهويّة والتنوع الثقافي واللغوي والحوار الحضاري والحفاظ على التراث وصيانة الممتلكات الثقافية.
وعلى مدى يومين تواصلت أعمال المؤتمر (الإيسيسكو) لوزراء التربية والتعليم بدولِ العالم الإسلامي تحت شعار: "ما بعد قمة تحويل التعليم: من الالتزامات إلى التطبيقات"، بتنظيم من وزارة التربية والتعليم ممثلة باللجنة الوطنية العُمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع منظمة العالم الإسلامي للتربية والعلوم والثقافة (الإيسيسكو) بفندق قصر البستان، بمشاركة (32) من أصحاب المعالي الوزراء وأصحاب السعادة الوكلاء رؤساء وفود وزارات التربية والتعليم بدول العالم الإسلامي، وعدد من مديري عموم منظمتي الإيسيسكو والألكسو، وعدد من الخبراء وممثلي المنظمات والوكالات التابعة للأمم المتحدة والمنظمات الدولية والإقليمية المعنية بقطاع التعليم، وعدد من صنّاع القرار والأكاديميين في هذا المجال.
الجلسة الإجرائية
تضمن برنامج اليوم الختامي للمؤتمر جلسة "إجرائية"، تضمنت عددا من الكلمات، ابتدأت بالكلمة الأولى التي ألقاها سعادة الأستاذ الدكتورعبدالله بن خميس أمبوسعيدي وكيل وزارة التربية والتعليم للتعليم بسلطنة عمان، أكد فيها بأن عقد هذا المؤتمر يأتي من أجل تعزيز أواصر التعاون في مجالات العمل المشترك، وتبادل الرؤى والأفكار التطويرية بما يلبي تطلعات الدول الأعضاء. فالموضوعات المدرجة في جدول أعمال هذا المؤتمر تأتي منسجمة مع التوجهات الطموحة لدول العالم الإسلامي، ومتسقة مع رؤية المنظمة في بلوغ ما ترجوه من تطلعات في توفير تعليم جيد ومنصف وشامل للجميع لتحقيق أهداف التنمية المستدامة. كما أشاد بجهود منظمة الإيسيسكو، وحرصها على متابعة التوصيات مع الدول الأعضاء، ومساندتها من أجل تعزيز التقدم المحرز في تحقيق غايات الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة، ودعا في ختام كلمته إلى إيلاء العمل المشترك بين الدول الأعضاء مزيدا من التطوير والتجويد، من خلال استثمار الفرص المتوفرة على المستويات المتعددة، لتكون نتائجها بإذن الله تعالى روافد تثري حقول التربية والثقافة والعلوم في المنظمات والمؤسسات المختلفة.
برامج وتوصيات
فيما ألقى الكلمة الثانية معالي يوسف عبدالله البنيان رئيس الدورة الثانية لمؤتمر الإيسيسكو لوزراء التربية والتعليم ـ وزير التعليم بالمملكة العربية السعودية، والتي أشار فيها إلى أن منظمة (الإيسيسكو) وضعت عدة توصيات للدراسة تم إعدادها في المملكة العربية السعودية؛ تهدف إلى تحقيق أهداف التنمية المستدامة وخاصة الهدف الرابع المعني بالتعليم، كما أكد في كلمته على ضرورة المساواة بين الجنسين في التعليم، والاستفادة من برامج ومشاريع الدول الأعضاء التعليمية.
الثورتين الإعلامية والرقمية
واختتمت الجلسة الإجرائية بكلمة معالي الدكتور سالم بن محمد المالك المدير العام لمنظمة (الأيسيسكو) والتي أشار فيها إلى أن المنظمة أعدّت مجموعة مِنْ المشاريع والتقارير والدراسات ولوائح التوصيات والقرارات ضمن رؤية المنظمة الاستراتيجية لخدمة الدول الأعضاء والإنسانية جمعاء، كما تتطلع المنظمة إلى جعل "الشراكة" أحد أساسيات العمل بين الأعضاء، كما أوضح معاليه بأن المنطقة تمر بِمَرْحَلَةٍ مَفْصِليّةٍ دقيقة، تتطلب عملًا دؤوبًا وجهدًا؛ لتحقيق الهدف الرابع، وتأمين جودة التعليم وشموله،والإنصاف والمساواة فيه بين الجنسين وطرق الاستفادة التربوية الرشيدة من الثورتين الإعلامية والرقمية ومن تقنيات الذكاء الاصطناعي.
تعليم شامل ومنصف
واحتوت الجلسة الإجرائية على كلمات رئيسة، إذ أكدت فخامة أمينة غريب فقيم الرئيسة السابقة لجمهورية موريشيوس في كلمتها على أن الثورة التقنية والتعليم الأخضر ليس فقط للتنمية المستدامة بل للتنمية المجتمعية، وأن حالة التعليم في كثير من دول العالم الاسلامية تصنف بالعزلة بدلًا من الشمولية، وأن دول المنطقة لديها أعلى نسبة من الأناث غير ملتحقات بالمدرسة. وأكدت فخامتها في ختام كلمتها على أن أي استراتيجية تعليم شاملة يجب أن تشمل الذكور والإناث بشكل منصف وشامل، مع أهمية التركيزعلى احتياجات سوق العمل، كما أن الصراعات المسلحة لديها تبعات على الاستثمارات في التعليم.
استثمار المستقبل
وأكد فخامة ماكي سال الرئيس السابق لجمهورية السنغال في الكلمة الثانية على أن التحدي الأساسي للتعليم هو التمويل، وأنه ليس التزام اجتماعي، بل استثمار للمستقبل يرفع الوعي؛ ولذا يجب أن يستهدف التعليم كل طفل، لجعل دولنا تستفيد من مواردها البشرية لبناء مستقبل مشرق، وأشار فخامته في ختام كلمته إلى أن عدد الأطفال خارج مقاعد الدراسة يتجاوز (250) مليون طفل حول العالم، ولذا على الدول الأعضاء تجديد التزامها نحو تحقيق الهدف الرابع من أهداف التنمية المستدامة للتعليم.
الأساليب التجريبية
وأشار الدكتور مايكل كريمر الحائز على جائزة نوبلومدير مختبر الابتكار التنموي ومدير مركز اقتصاديات التنمية بجامعة شيكاغو في كلمة ألقاها ـ عن بعد ـ إلى الأساليب التجريبية التي تلعب دورا هاما في تعزيز التعليم من خلال جمع البيانات حول مشاركة المدارس، وتقييم نتائج برامج التعلم، والتي يمكن أن تكون مفيدة في صياغة السياسات التعليمية في البلدان حول العالم.
جلسات نقاشية
كما تناول المؤتمر تقديم عدد من أوراق العمل حولالتقارير التنفيذية، إذ استعرضها الدكتور أحمد البنيان من منظمة الإيسيسكو الورقة الأولى: بعنوان: "أنشطة الإيسيسكو التربوية 2021 ـ 2024 "، وقدمت الدكتورة فاديا كيوان من منظمة المرأة العربيةالورقة الثانية، بعنوان: "واقع تعليم الفتيات" ، واستعرض الدكتور زيد أبو شمعة من منظمة الإيسيسكو تقريرًا عن التربية الإعلامية: آفاق وتطلعات، وناقش وقاس الأفريدي من منظمة الإيسيسكو في ورقته المعنونة بـ: "مخرجات الاجتماعالوزاري رفيع المستوى الذي عقد في مايو 2024بلندن ـ تحويل التعليم: الطريق إلى مؤتمر الأيسيسكو لوزراء التربية والتعليم ـ مسقط2024"، وتطرق الدكتور قيس الهمامي رئيس مركز الاستشراف الاستراتيجي بمنظمة اليونسكو في ورقته إلى ميثاق الذكاء الاصطناعي للعالم الإسلامي، واختتمت سيونغ يانغ (المسمى الوظيفي) الجلسة الأولى بتقرير عن تطوير التعليم والرعاية للطفولة المبكرة: ركائز المستقبل.
الوثائق الفنية
فيما خصصت الجلسة الثانية لمناقشة الوثائق الفنية التي أصدرتها الإيسيسكو وبعض المنظمات التي تعمل معها، وأهمها وثيقة التقدم في تحويل التعليم: من الالتزامات إلى التطبيقات 2024-2022 ما بعد قمة تحويل التعليم ( (TESتناولها الدكتور مروان عورتاين من منظمة الايسيسكو، بينما قدمت جان مان من جامعة كامبريدج للصحافة والتقييم وثيقة عن التعليم الأخضر بالدول الأعضاء، تلا ذلك استعراض وثيقة عن تحسين جودة التدريس للأستاذ أولي بيكاهاينون من منظمة البكالوريا الدولية، وقدمت فائزة العلوي تكييف البرنامج الدولي لتقييم الطلبة (PISA): تمكين الدول الأعضاء في الإيسيسكو لتحقيق التميز العالمي في التعليم، وأنهى الدكتور محمد الهادي السهيلي الجلسة بتقرير عن التربية الرقمية.
كلمة شكر
وفي نهاية انعقاد المؤتمر قدمت معالي الدكتورة مديحة بنت أحمد الشيبانية وزيرة التربية والتعليم رئيسة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم كلمة شكر لرؤساء وأعضاء وفود الدولِ المشاركة أعربتفيها عن تقديرها للمناقشات والأفكار التي طرحت خلال يومي انعقاد المؤتمر؛ الأمر الذي يؤكد على حرص وفود الدول المشاركة على ترسيخِ عرى التعاون من أجل الارتقاء بمستوى العمل التربوي، والخروج برؤى تحقق أهداف مسيرة العمل المشترك بين الدول الأعضاء، وأن تسهم مخرجات هذا المؤتمر بالمضي قدمًا نحو تطبيق الالتزامات الناتجة عن قمة تحويل التعليم، واستثمار الإمكانيات والفرص المتاحة بكفاءة؛ لتحقيق التميز العالمي في مجالات التعليم الأخضر، والذكاء الاصطناعي، وتعليم الطفولة المبكرة.