تاريخ نشر الخبر :14/11/2012
اختتم ظهر أمس الثلاثاء بفندق كراون بلازا-مسقط،فعاليات الندوة الإقليمية حول "التنوع الثقافي ودوره في إثراء الحوار بين الحضارات" والتي نظمتها اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم بالتعاون مع وزارة التراث والثقافة،والمنظمة الإسلامية للتربية والعلوم والثقافة (إيسيسكو)،وذلك تحت رعاية سعادة الشيخ محمد بن حمدان التوبي مستشار وزارة التربية والتعليم،حيث تضمن حفل الختام قراءة في نتائج الندوة والتوصيات،وكلمة اللجنة الوطنية العمانية للتربية والثقافة والعلوم،وكلمة المشاركين،وتكريم المشاركين وتوزيع الشهادات.
الجلسة الأولى
فيما تواصلت في الفترة الصباحية لليوم الختامي جلسات العمل النقاشية، والتي تركزت حول محور تجارب الدول في مجال دعم التعايش الثقافي والحوار بين الحضارات،حيث تم تقديم خمسة أوراق عمل في الجلسة الأولى تحدثت عن تجارب كل من دولة الكويت ،والجمهورية الجزائرية،والمملكة المغربية،والجمهورية اللبنانية،وجمهورية مصر العربية في مجالات دعم التعايش الثقافي والحوار بين الحضارات، في الورقة الأولى قدم الدكتور محمد غانم الرميحي، أستاذ علم الاجتماع السياسي والتنمية الاجتماعية بجامعة الكويت، ورقة عمل تحدث فيها عن تجربة دولة الكويت عرض فيها مفهوم المواطنة، و المواطنة في المجتمع الكويتي، ثم قدم الدكتور عصام طوالبي أستاذ بكلية الحقوق بجامعة الجزائر، الورقة الثانية التي تحدث فيها عن تجربة الجمهورية الجزائرية تناول فيها جهود الدولة حكومة ومجتمعا مدنيا في سبيل تجسيد مبادئ التعددية وتشجيع احترام الاختلافات الثقافية وذلك من خلال ثلاثة مباحث وهي: تعديل المناهج التربوية الجزائرية لتعزيز فكرة حوار الحضارات، والإصلاحات القانونية لتحسين وضعية الأقليات الدينية في الجزائر، وجهود المجتمع المدني الجزائري لدعم التعايش الثقافي.
عقب ذلك تحدث مصطفى القباح أستاذ باحث في الفلسفة وعلوم التربية وعضو المكتب التنفيذي لمنظمة شمال جنوب لحقوق الإنسان وحوار الثقافات عن التنوع الثقافي من المفهوم إلى التفعيل وتجربة المملكة المغربية و جهود المملكة في مجال التنوع الثقافي، ثم تحدث الدكتور ناصيف قزي، أستاذ جامعي وباحث وعضو المكتب التنفيذي للجنة الوطنية اللبنانية لليونسكو عن التجربة اللبنانيَّة كأنموذج يحتذي، مؤكداً على ضرورة تحصين تلك التجربة وهذا يفترض أيضا التأسيس لنظام تربوي تكون في مقدمة أركانه التنشئة الوطنيَّة الإنسانيَّة. وفي ختام الجلسة الأولى تحدثت زينب أحمد الوكيل، كبيرة الأخصائيين بإدارة الثقافة باللجنة الوطنية المصرية لليونسكو، عن تجربة جمهورية مصر العربية،وتطرقت إلى أشكال التنوع الثقافي في جمهورية مصر ودوره في تعزيز الحوار،ودور اليونسكو في تعزيز التنوع الثقافي، والتعايش بين أطياف التنوع المصري.
الجلسة الثانية
فيما تناولت الجلسة الثانية تجارب الجمهورية التونسية ، والمملكة الأردنية،ودولة قطر، ودولة الإمارات العربية المتحدة،والجمهورية اليمنية،وجمهورية العراق في مجال التعايش الثقافي ودعم الحوار بين الحضارات، حيث تحدث بدايةً الدكتور عبداللطيف بن العبساوي المرابط، أستاذ تعليم عالي بكلية الآداب والعلوم الإنسانية عن تجربة تونس، تطرق فيها إلى الجذور و الأسس التاريخية التونسية حيث أنها لامست مبكرا ما نسميه اليوم بالتنوع الثقافي بحكم تتالي الحضارات على أراضيها فقد تغذت من تيارات ثقافية عدة، كما توقف عند بعض خصوصيات السياسة الثقافية الحالية المنتهجة في البلاد والتي من شأنها أن تدعم التنوع الثقافي.تلاه الدكتور سعد أحمد الطويسي، مدير كرسي اليونسكو للتراث والتنمية المستدامة بالمملكة الأردنية ، وتحدث عن تجربة المملكة الأردنية،و مظاهر التنوع الثقافي في الأردن وتوضيحا لحالة التعايش الديني في المجتمع الأردني مع أمثلة من الواقع وتفسيرا له من منظور تاريخي واجتماعي وسياسي ودور الدولة في تعزيزه، بعد ذلك تحدث محمد بن سعيد البلوشي استشاري بإدارة التراث بوزارة الثقافة والفنون والتراث بدولة قطر، عن تجربة دولة قطر وناقش فيها المراحل التي مر بها العمل الثقافي في دولة قطر، وأبرز النشاطات والمؤسسات التي تعنى بتكريس نهج التعايش الثقافي في الدولة.في حين قدم الدكتور ناصر علي الحميري مدير إدارة التراث المعنوي، تجربة دولة الإمارات العربية المتحدة بالحديث عن نماذج إقليمية في مجال التعايش الثقافي والحوار بين الثقافات، وإسهام هيئة أبوظبي للسياحة والثقافة في حماية وتعزيز تنوع أشكال التعبير الثقافي. ومن ثم تحدثت الدكتورة حفيظة صالح ناصر، أستاذ مشارك بكلية التربية بجامعة عدن، عن تجربة اليمن في دعم التعايش الثقافي والحوار بين الثقافات وجهود الجمهورية اليمنية في ذلك من خلال إقامة العديد من الأنشطة بين ندوات ومؤتمرات ومشاركات خارجية وملتقيات وحوارات ومعارض. وفي نهاية الجلسة تحدث الدكتور عبد جاسم عبيد رئيس جمعية الثقافة للجميع عن تجربة جمهورية العراق، ناقش فيها مفهوما التعددية الثقافية الجديدة في العالم وأهميتها في إعادة بناء مجتمعات معاصرة، وكيفية تطوير سبل التواصل والحوار وبخاصة بين منظمات المجتمع المدني الفاعلة في البلدان العربية والعالم.
لقاءات
في حوار لنا مع الدكتور عبد العزيز الجبوري ممثل مكتب الإيسيسكو الإقليمي بالشارقة، قال: هذه اللقاءات والندوات هي بمثابة تذكير بحقوق وواجبات كافة مكونات المجتمع وكذلك في قدرة القوانين والأنظمة والتشريعات في احترام خصوصيات الأفراد والجماعات واستثمارها في الاتجاهات الايجابية لعملية البناء الحضاري، فالواقع الثقافي في الوطن العربي ليس جديداً فيه التنوع والاختلاف بل الجديد هو ضعف القدرة على استيعاب هذا التنوع واستثماره كما استثمرته الحضارة الإسلامية في القرون الماضية، ومن خلال تتبع السيرة الذاتية للحضار العربية والإسلامية نجد أن التكامل العربي قد اعتمد وبشدة على استثمار التنوع الثقافي باتجاه بناء حضارة استطاعت أن تؤثر في المحيط الدولي ولفترات طويلة.
في حين قال محمد مصطفى القبّاج أستاذ فلسفة وعلوم التربية بالمملكة المغربية: تتسم الندوة بجدية في المقاربة العلمية لموضع التنوع الثقافي وتنوع في الرؤى ، وهي بمثابة استعراض للواقع الثقافي العربي مما يساعد على التعارف والتفاعل، ويحتاج التنوع الثقافي في الوطن العربي إلى مزيد من التعارف والتعاون من أجل تعزيز النسيج الثقافي، كما أضاف: نحن بحاجة ماسة إلى إقامة مؤسسة لتبادل المعلومات حول ما تزخر به كل ساحة عربية من فعاليات ثقافية .
التوصيات
وقد خرجت الندوة بعدد من التوصيات تضمنت زيادة عدد الأنشطة من مؤتمرات وندوات وحلقات عمل، والتي من شأنها تعزيز مبدأ الحوار الثقافي بين مكونات المجتمع العربي والإسلامي والمجتمعات العالمية الأخرى، وحث الدول على تفعيل وإعادة النظر في القوانين والتشريعات والنظم الدولية والإقليمية والمحلية المتعلقة بالتنوع الثقافي مع التأكيد على احترام سمات المجتمعات والأفراد، وعدم المساس برموزها الاجتماعية والدينية، كما أوصت بحث الدول على المصادقة على اتفاقية التنوع الثقافي، و تشجيع البرامج والخطط والمشاريع الخاصة بإدماج التراث الثقافي بالتنمية من خلال الاهتمام بالسياحة الثقافية وتوفير مستلزمات تنميتها، تعزيز مساهمات المجتمع المدني ودعم دوره في تعزيز الحوار الثقافي والحضاري الداخلي والخارجي، والتصدي للتيارات الهادفة إلى الاستغلال السلبي للتنوع الثقافي. والاهتمام بالثقافة الشعبية من خلال إظهار الجوانب الثقافية الداعمة للتنوع الثقافي واحترام سمات الهوية الوطنية، بالإضافة إلى تشجيع المؤسسات والهيئات والقطاع الخاص للمشاركة في الأنشطة الثقافية والحضارية بفتح نوافذ الحوار الفكري والثقافي مع كافة المجتمعات بالمشاركة في المعارض والفعاليات الدولية، والعمل على تضمين المناهج الدراسية مفاهيم ومضامين التنوع الثقافي، من بين التوصيات دعوة وتشجيع وسائل الإعلام التقليدية ووسائل التواصل الاجتماعي على إنتاج برامج توعوية هدفها زيادة الوعي بقضايا التنوع الثقافي، وتشجيع حركة الترجمة للآليات والأدوات الخاصة بموضوع التنوع الثقافي، ونشرها على مستوى المنطقة العربية؛ بالإضافة إلى تشجيع الدراسات والبحوث العلمية لإيجاد قاعدة معرفية مناسبة لمكونات التنوع الثقافي في المجتمعات العربية، وكذلك حث الدول على زيادة الاهتمام بالقطاع الثقافي مادياَ ومعنويا.
